نوايا آخر ١٥٠ يومًا من السنة: كيف تعيد برمجة أهدافك قبل ديسمبر؟


دفتر نوايا الـ150 يومًا – أعدي برمجة أهدافك قبل نهاية السنة


تمر الأيام سريعًا، والسنة تمضي كقطار لا ينتظر أحدًا. ومع وصولنا إلى شهر أغسطس، نجد أنفسنا على مشارف العدّ التنازلي لنهاية العام، ولم يتبقَ سوى حوالي 150 يومًا فقط. رقم قد يبدو للبعض مجرد رقم عابر، لكنه في الحقيقة هو دعوة صامتة لنا لننظر بتمعن إلى ما تبقى من هذا العام، ونقرر كيف نريد أن نعيشه بكل وعي وشغف.

قد يستقبل البعض هذا الرقم بشعور من الإحباط أو الحسرة، مرددين في داخلهم: "لقد مضى العام... ولم أنجز شيئًا يُذكر". هذا شعور طبيعي يتسلل أحيانًا إلى قلوبنا، لكنه ليس الحقيقة الكاملة. هناك طيف آخر من الأرواح، أرواح لم تكتفِ بالتقويم أو بالعد التنازلي، بل تعيش بنبض النية، وتفهم أن كل لحظة جديدة هي فرصة لإعادة الإشعال، لإعادة التوجيه، لإعادة الحياة إلى نوايا كانت نائمة أو منسية.

في هذه اللحظة بالذات، لديكِ فرصة جديدة لإعادة كتابة قصتك مع نفسك، فرصة للتنفس بعمق والتوقف عن لوم نفسك على ما فات. فالحياة ليست سباقًا محمومًا مع الزمن، بل رحلة تحتاج إلى موازنة بين العمل والراحة، بين الطموح والرضا.

ماذا نعني بـ "إعادة برمجة الأهداف"؟

برمجة الأهداف من جديد ليست مجرد محاولة لتعويض ما فات، ولا سباقًا للإنجاز السريع. بل هي لحظة تناغم مع من أصبحتِ عليه اليوم، وليس مع نسخة من نفسكِ في بداية العام أو مع توقعات الآخرين.

  • هل تلك الأهداف التي كتبتها في يناير ما زالت تعبر عن حقيقتك؟
  • هل ما زلتِ متصلة بشغفها، أم أصبحت مجرد أعباء ثقيلة تضغط على صدركِ؟
  • هل أنتِ مُلزَمة بإكمال مسارات لم تَعُد تُشعركِ بالسعادة أو بالمعنى؟

الإجابة بوضوح: لا. لا لِما لا يشبهكِ، لا لِما لم يَعُد ينتمي إليكِ. الحياة تتغير، ونحن أيضًا نتغير، والنوايا التي نصنعها يجب أن تكون انعكاسًا لهذه الحقيقة.

دعوة لإعادة التصفير

تصوري أن هذا اليوم هو اليوم الأول من عامك الجديد. لا بداية من الأول من يناير، بل بداية الآن، هنا، في هذه اللحظة. قولي لنفسكِ بهدوء وثقة:

"لدي 150 يومًا، لا لأركض، بل لأتوازن. لا لأثبت شيئًا لأحد، بل لأكون مع نفسي."

دعوة للصفاء، للتركيز على الأهم، للعيش بوعي مع كل نفس، مع كل خطوة.

خطوات لإعادة برمجة نواياك خلال الـ150 يومًا القادمة

1. تفريغ الذهن: التطهير الأولي

ابدئي بتفريغ كل ما يعتمل في ذهنكِ على الورق. لا تخافي من كتابة كل شيء، حتى الأفكار المتشابكة أو المشاعر المختلطة. اطلبي من نفسك الصراحة الكاملة:

  • ما الذي ما زال يوقظ شغفي بداخل قلبي؟
  • ما الذي تحوّل إلى عبء أو واجب أرهقني؟
  • ما الجديد الذي ظهر خلال العام ويستحق مساحة أوسع في حياتي؟

هذا التفريغ هو بمثابة تنظيف الروح، يمنحك وضوحًا لا يُقدّر بثمن.

2. لا تكتبي أهدافًا.. بل نوايا

في عالمنا السريع، نميل إلى تحميل أنفسنا أهدافًا كثيرة، مُربكة، وأحيانًا مُحبطة. النية مختلفة تمامًا. هي دعوة قلبية صادقة، رغبة متجددة، وهدف ينبع من جوهرنا العميق.

بدل أن تكتبي 10 أهداف مرهقة، اختاري 3 نوايا فقط، وتعاملي معها بحنان:

  • نية الشفاء الداخلي: لأعطي نفسي المساحة للراحة، للتسامح، ولإعادة بناء نفسي بحب.
  • نية الانضباط اللطيف: لألتزم بالعادات التي تُغذّي روحي وجسدي برقة، بدون قسوة.
  • نية التوسّع في الرزق: لأنفتح على الفرص الجديدة وأستقبل الخير بامتنان.

هذه النوايا هي بوصلة الطريق، تذكير دائم بأنكِ تقودين رحلتكِ أنتِ، وليس أحد غيرك.

3. خصصي موعدًا أسبوعيًا لمراجعة روحك

اجعلي لنفسكِ عادة أسبوعية بسيطة: 10 دقائق فقط كل أسبوع للتوقف، المراجعة، والتأمل:

  • هل كنت أتحرك بنية صادقة هذا الأسبوع؟
  • هل ما زلت في المسار الذي أختاره لنفسي؟
  • هل شعرتُ بإشارات، علامات، أو لحظات تقربني أكثر من ذاتي؟

هذا الوقت الأسبوعي هو نقطة التوازن التي تحميكِ من الانحراف أو التشتيت.

4. افعلي أقل... لكن بعمق

في زحمة الحياة، نتعرض دائمًا لضغط "المزيد والمزيد". لكن الحكمة تكمن في أن تفعل أقل بكثير، لكن بوعي وصدق عميق.

كلمة واحدة مليئة بالقوة، دعاء قصير ينبع من القلب، 10 دقائق تأمل هادئة، كوب شاي تُشربينَه بوعي كامل، كلها أفعال صغيرة لكنها تزرع نوايا كبيرة.

اجعلي شعاركِ: "قليل ثابت بنية صادقة."

دفتر نوايا الـ150 يومًا: طقسك المقدّس

الصفحة الأولى

اكتبي فيها نواياكِ الأساسية، أضيفي دعاء أو عبارة تلخّص ما تريدين تحقيقه أو الشعور به.

كل أسبوع

خصصي صفحة أسبوعية تسجلين فيها:

  • ما أنجزتِه هذا الأسبوع.
  • شعوركِ العام.
  • الإشارات والرسائل التي تلقيتها.

هذه الممارسة تحول رحلة 150 يومًا إلى طقس روحاني، يربط بينكِ وبين نواياكِ بعمق.

تذكّري

ربما لم يكن المطلوب منك أن تركضي في الشهور الأولى من العام، بل أن تنتبهي الآن، بوعي، وبهدوء.

هذه الـ150 يومًا القادمة قد تكون كل ما جئتِ لأجله هذا العام، قد تكون فرصة التغيير الحقيقي، بداية السلام مع ذاتك، وبداية الأمل.

"افتحي ذراعيك للنهاية... لعل فيها البداية التي كنتِ تنتظرينها منذ زمن."

أحدث أقدم